الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وذكر ابن الحاجب في (شرح المفصل) في باب الوقف منه أن بعض النحويين يجوزون العطف في المجرور بالإضافة دون المجرور بالحرف لأن اتصال المجرور بالمضاف ليس كاتصاله بالجار لاستقلال كل واحد منهما بمعناه فلم يشتد اتصاله فيه اشتداد مع الحرف وأجاز الجرمي والزيادي العطف إذا أكد الضمير المتصل بمنفصل نحومررت بك أنت وزيد وقوله تعالى: {ءايات} مبتدأ مؤخر والجملة معطوفة على جملة {إِنَّ في السموات} [الجاثية: 3] الخ.وقرأ أبي وعبد الله {لآيات} باللام كذا في (البحر) ولم يبين أن آيات مرفوع أو منصوب. فإن كان منصوبًا فاللام زائدة في اسم إن المتقدم عليه خبرها وهو أحد مواضع زيادته المطردة الكثيرة. وإن كان مرفوعًا فهي زائدة في المبتدأ ويقل زيادتها فيه. وحسن زيادتها هنا تقدم إن في الجملة المعطوف عليها فهو كقوله:
وقرأ زيد بن علي {ءايَةً} بالإفراد.وقرأ الأعمش. والجحدري. وحمزة. والكسائي. ويعقوب {ءايات} بالجمع والنصب على أنها عطف على {ءايات} السابق الواقع اسمًا لأن و{فِى خَلَقَكُمْ} معطوف على {فِي السموات} فكأنه قيل: وإن في خلقكم وما يبث من دابة آيات {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي من شأنهم أن يوقنوا بالأشيئاء على ما هي عليه.{واختلاف الليل والنهار} بالجر على إضمار في. وقد قرأ عبد الله بذكره.وجاء حذف الجار مع إبقاء عمله كما في قوله: وحسن ما هنا ذكر الجار في الآيتين قبل.وقرئ بالرفع على أنه مبتدأ خبره {ءايات} بعد. والمراد باختلافهما تعاقبهما أتفاوتهما طو لا وقصرًا. وقيل: اختلافهما في أن أحدهما نور والآخر ظلمة {وَمَا أَنزَلَ الله} عطف على {اختلاف} {مّنَ السماء} جهة العلو. وقيل: السحاب. وقيل: الجرم المعروف بضرب من التأويل.{مِن رّزْقِ} من مطر. وسمي رزقًا لأنه سببه فهو مجاز. ولولم يؤل صح لأنه في نفسه رزق أيضًا.{فَأَحْيَا بِهِ الأرض} بأن أخرج منها أصناف الزرع والثمرات والنبات. والسببية عادية اقتضتها الحكمة {بَعْدَ مَوْتِهَا} يبسها وعرائها عن اثار الحياة وانتفاء قوة التنمية عنها {وَتَصْرِيفِ الرياح} من جهة إلى أخرى ومن حال إلى حال. وتأخيره عن إنزال المطر مع تقدمه عليه في الوجوه إما للإيذان بأنه آية مستقلة حيث لوروعي الترتيب الوجودي لربما توهم أن مجموع تصريف الرياح وإنزال المطر آية واحدة. وإما لأن كون التصريف آية ليس بمجرد كونه مبدأ لأنشاء المطر بل له ولسائر المنافع التي من جملتها سوق السفن في البحار.وقرأ زيد بن علي. وطلحة. وعيسى {وَتَصْرِيفِ الرياح} بالأفراد {ءايات لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} بالرفع على أنه مبتدأ خبره ما تقدم من الجار والمجرور أعني {فِى اختلاف} على ما سمعت. والجملة معطوفة على ما قبلها.وقيل: إن {اختلاف} بالجر عطف على {خَلَقَكُمْ} [الجاثية: 4] المجرور بفي قبله و{ءايات} عطف على {آيات} [الجاثية: 4] السابق المرفوع بالابتداء. وفيه العطف على معمولي عاملين مختلفين. ومن الناس من يمنعة وهم أكثر البصريين. ومنهم من يجيزه وهم أكثر الكوفيين. ومنهم من يفصل فيقول: وهو جائز في نحوقولك: في الدار زيد والحجرة عمرو وغير جائز في نحوقولك: زيد في الدار وعمر والحجرة لأن الأول يلي المجرور فيه العاطف فقام العاطف مقام الجار. والثاني لم يل فيه المجرور العاطف فكان فيه إضمار الجار من غير عوض. وتمام الكلام في هذه المسألة في محله؛ وقيل: إن {اختلاف} عطف على المجرور قبل و{ءايات} خبر مبتدأ محذوف أي هي آيات؛ واختاره من لم يجوز العطف على معمولي عاملين ويقول بضعف حذف الجار مع بقاء عمله وإن تقدمه ذكر جار.وقال أبو البقاء: {ءايات} مرفوع على التأكيد لآيات السابق وهم يعيدون الشيء إذا طال الكلام في الجملة للتأكيد والتذكير.وتعقب بأن ذلك إنما يكون بعين ما تقدم واختلاف الصفات يدل على تغاير الموصوفات فلا وجه للتأكيد. وأيضًا فيه الفصل بين المعطوف المجرور والمعطوف عليه وبين المؤكد والمؤكد وهو إن جاز يورث تعقيدًا ينافي فصاحة القرآن العظيم.وقرأ {ءايات} هنا بالنصب من قرأها هناك به فهي مفعول لفعل محذوف أي أعني آيات. وقيل: العاطف في قوله تعالى: {واختلاف} عطف اختلاف على المجرور بفي قبل وعطفها على اسم {إن} [الجاثية: 3] وهو مبني على جواز العطف على معمولي عاملين. وقال أبو البقاء: هي منصوبة على التأكيد والتكرير لاسم إن نحوإن بثوبك دمًا وبثوب زيد دمًا. ومر آنفًا ما فيه.وقال بعضهم: إنها اسم إن مضمرة وهي قد تضمر ويبقى عملها. ذكر أبو حيان في الارتشاف في الكلام على إن من خير النار أوخيرهم زيد أن محمل بن يحيى بن المبارك اليزيدي ذهب إلى نصب خيرهم ورفع زيد فاسم إن محذوف وأوخيرهم منصوب بإضمار إن لدلالة إن المذكورة تقديره إن من خير الناس زيدًا وإن خيرهم زيد.وقد أقر الشاطبي تخريج النصب في الآية على ذلك لكن نقله السفاقسي عن أبي البقاء ورده بأن إن لا تضمر.وقال ابن هشام في آخر الباب الرابع من المغني: إنه بعيد. والظاهر أنه لابد عليه من إضمار الجار في {اختلاف} وحينئذ لا يخفى حاله. وسائر القراءات مروية هنا عمن رويت عنه فيما تقدم. وتنكير {ءايات} في الآيات للتفخيم كما وكيفا. والمعنى إن المنصفين من العباد إذ نظروا في السموات والأرض النظر الصحيح علموا أنها مصنوعة وأنها لابد لها من صانع فآمنوا بالله تعالى وأقروا. وإذا نظروا في خلق أنفسهم وتنقلها من حال إلى حال وهيئة إلى أخرى وفي خلق ما على ظهر الأرض من صنوف الحيوان ازدادوا ايمانًا وأيقنوا وانتفى عنهم اللبس فإذا نظروا في سائر الحوادث التي تتجدد في كل وقت كاختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وحياة الأرض بعد موتها وتصريف الرياح جنوبًا وشمالًا وقبو لا ودبورًا وشدة وضعفًا وحرارة وبرودة عقلوا واستحكم علمهم وخلص يقينهم كذا في (الكشاف) ومنه يعلم نكتة اختلاف الفواصل.وفي (الكشف) أنه ذكر ما حاصله أنه على سبيل الترقي وهو يوافق ما عليه الصوفية وغيرهم من أن الايقان مرتبة خاصة في الايمان. ثم العقل لما كان مدارهما أي الايمان والايقان ونعني به العقل المؤيد بنور البصيرة جعله لخلوص الايقان من اعتراء الشكوك من كل وجه ففي استحكامه كل خير. وروعي في ترتيب الآيات ما روعي في ترتيب المراتب الثلاث من تقديم ما هو أقدم وجودًا. ولا يلزم أن تكون الآية الثانية أعظم من الأولى ولا الثالثة من الثانية لما ذكره من أن الجامع بين النظرين موقن وبين الثلاثة عاقل على أنها كذلك في تحصيل هذا الغرض فإن كانت أعظم من وجه رخر فلا بأس فإن النظر إلى حال نفسه وما هو من نوعه ثم جنسه من سائر الأناسي والحيوان للقرب والتكرر وكثرة العدد أدخل في انتفاء الشك وحصو ل اليقين وإن كان النظر في السماء والأرض أتم دلالة على كمال القدرة والعلم فذلك لا يضر ولا هو المطلوب ههنا ثم النظر إلى اختلاف المذكور أدل على استحكام ذلك اليقين من حيث أنه يتجدد حينًا فحينًا ويبعث على النظر والاعتبار كلما تجدد هذا. والتحقيق أن تمام النظر في الثاني يضطر إلى النظر في الأول لأن السموات والأرض من أسباب تكون الحيوان بوجه. وكذلك النظر في الثالث يضطر إلى النظر في الأولين. أما على الأول فظاهر من أسباب تكون الحيوان بوجه. وكذلك النظر في الثالث يضطر إلى النظر في الأولين. أما على الأول فظاهر وأما على الثاني فلانه العلة الغائية فلابد من أن يكون جامعًا انتهى. وهو كلام نفيس جدًّا.وقال الإمام في ترتيب هذه الفواصل: أظن أن سببه أنه قيل إن كنتم مؤمنين فافهموا هذه الدلائل وإن كنتم لستم من المؤمنين بل كنتم من طلاب الجزم واليقين فافهموا هذه الدلائل وإن كنتم لستم من المؤمنين ولا من الموقنين فلا أقل من أن تكونوا من زمرة العاقلين فاجتهدوا في معرفة هذه الدلائل. ولا يخفى أنه فاته ذلك التحقيق ولم يختر الترقي وهو بالاختيار حقيق. والمغايرة بين ما هنا وما في سورة البقرة (164) أعني {إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تَجْرِى في البحر بِمَا يَنفَعُ الناس} الآية للتفنن والكلام المعجز مملوء منه. وذكر الإمام في ذلك ما لا يهش له السامع فتأمل.{تِلْكَ آيات الله} مبتدأ وخبر. وقوله تعالى: {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ} حال عاملها معنى الإشارة نحو {هذا بَعْلِى شَيْخًا} [هود: 72] على المشهور. وقيل: هو الخبر و{الله إِلاَّ} بدل أو عطف بيان وقوله سبحانه: {بالحق} حال من فاعل {نَتْلُوهَا} أو من مفعوله أي نتلوها محقين أو ملتبسة بالحق فالباء للملابسة ويجوز أن تكون للسببية الغائية. والمراد بالآيات المشار إليها إما آيات القرآن أو السورة أو ما ذكر قبل من السموات والأرض وغيرهما فتلاوتها بتلاوة ما يدل عليها. وفسرت بالسرد أي نسردها عليك.وقال ابن عطية: الكلام بتقدير مضاف أي نتلوا شأنها وشأن العبرة بها.وقرئ {يتلوها} بالياء على أن الفاعل ضميره تعالى والمراد على القراءتين تلاوتها عليه صلى الله عليه وسلم بواسطة الملك عليه السلام {يَعْقِلُونَ تَلْكَ ءايات الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بالحق} هو من باب قولهم: أعجبني زيد وكرمه يريدون أعجبني كرم زيد إلا أنهم عدلوا عنه للمبالغة في الإعجاب أي فبأي حديث بعد هذه الآيات المتلوة بالحق يؤمنون. وفيه دلالة على أنه لا بيان أزيد من هذا البيان ولا آية أدل من هذه الآية. وتفخيم شأن الآيات من اسم الإشارة وإضافتها إلى الله عز وجل. وجعل {نَتْلُوهَا} حالًا مع ضمير التعظيم ثم تكرير الاسم الجليل للنكتة المذكورة وإضافتها إليه بواسطة الضمير مرة أخرى. وقد ذكر ذلك الزمخشري وتعقبه أبو حيان بأنه ليس بشيء لأن فيه من حيث المعنى إقحام الأسماء من غير ضرورة والعطف. والمراد غير العفط من إخراجه إلى باب البدل لأن تقدير كرم زيد إنما يكون في أعجبني زيد كرمه بغير وأو على البدل وهذا قلب لحقائق النحو. وإنما المعنى في المثال أن ذات زيد أعجبته وأعجبه كرمه فهما إعجابان لا إعجاب واحد وهو مبني على عدم التعمق في فهم كلام جار الله.ومن تعمق فيه لا يرى أنه قائل بالإقحام وإنما بيان حاصل المعنى يوهمه. وبين هذه الطريقة وطريقة البدل مغايرة تامة. فقد ذكر أن فائدة هذه الطريقة وهي طريقة إسناد الفعل إلى شيء والمقصود إسناده إلى ما عطف عليه قوة اختصاص المعطوف بالمعطوف عليه من جهة الدلالة على أنه صار من التلبس بحيث يصح أن يسند أوصافه وأفعاله وأحواله إلى الأول قصدًا لأنه بمنزلته ولا كذلك البدل لأن المقصود فيه بالنسبة هو الثاني فقط وهنا هما مقصودان. فإن قلت: إذا لم يكن ذلك الوصف منسوبًا للمعطوف عليه لزم إقحامه كما قال أبو حيان. وما يذكر من المبالغة لا يدفع المحذور. وعلى فرض تسليمه فدلالته على ما ذكر بأي طريق من طرق الدلالة المشهورة.أجيب بأنه غير منسوب إليه في الواقع لكن لما كان بينهما ملابسة تامة من جهة ما ككون الآيات ههنا بإذنه تعالى أو مرضية له عز وجل جعل كأنه المقصود بالنسبة وكنى بها عن ذلك الاختصاص كناية إيمائية ثم عطف عليه المنسوب إليه وجعل تابعًا فيها وبهذا غاير البدل مغايرة تامة غفل عنها المعترض فالنسبة بتمامها مجازية كذا قرره بعض المحققين.وقال الواحدي: أي فبأي حديث بعد حديث الله أي القرآن وقد جاء إطلاقه عليه في قوله تعالى: {الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث} [الزمر: 23] وحسن الإضمار لقرينة تقدم الحديث. وقوله سبحانه: {وءاياته} عطف عليه لتغايرهما إجمالًا وتصيلًا لأن الآيات هي ذلك الحديث ملحوظ الأجزاء. وإن أريد ما بين فيه من الآيات والدلائل فليس من عطف الخاص على العام لأن الآيات ليست من القرأئن وإنما وجه دلالتها وإيرادها منه فيكون في هذا الوجه الدلالة أيضًا على حال البيان والمبين كما في الوجه الأول. وقال الضحاك: أي فبأي حديث بعد توحيد الله ولا يخفى أنه بظاهره مما لا معنى له فلعله أراد بعد حديث توحيده تعالى أي الحديث المتضمن ذلك أوهوبعد تقدير المضاف من باب أعجبني زيد وكرمه. وأيًا ما كان فالفاء في جواب شرط مقدر والظرف صفة {حَدِيثُ} وجوز أن يكون متعلقًا بيؤمنون قدم للفاصلة.وقرأ ابن عامر. وأبو بكر. وحمزة. والكسائي {تُؤْمِنُونَ} بالتاء الفوقانية وهو موافق لقوله تعالى: {وَفِى خَلْقِكُمْ} [الجاثية: 4] بحسب الظاهر والصورة وإلا فالمراد هنا الكفار بخلاف ذلك.وقرأ طلحة {تُوقِنُونَ} بالتاء الفوقانية والقاف من الإيقان. اهـ. .قال ابن عاشور: {حم (1)}.تقدم القول في نظائره. وهذه جملة مستقلة.{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)}.استئناف ابتدائي وهو جملة مركبة من مبتدأ وخبر.{الكتاب} هو المعهود وهو ما نزل من القرآن إلى تلك الساعة.والمقصود: إثبات أن القرآن موحى به من الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم فكان مقتضى الظاهر أن يجعل القرآن مسندًا إليه ويخبر عنه فيقال القرآن مُنزّل من الله العزيز الحكيم لأن كونه منزلًا من الله هو محل الجدال فيقتضي أن يكون هو الخبر ولوأذعنوا لكونه تنزيلًا لَمَا كان منهم نزاع في أن تنزيله من الله ولكن خو لف مُقتضَى الظاهر لغرضين:أحدهما: التشويق إلى تلقي الخبر لأنهم إذا سمعوا الابتداء بتنزيل الكتاب استشرفوا إلى ما سيخبر عنه؛ فَأمَّا الكافرون فيترقبون أنه سيلقى إليهم وصف جديد لأحوال تنزيل الكتاب فيتهيّأون لخوض جديد من جدالهم وعنادهم. والمؤمنون يترقبون لِمَا يزيدهم يقينًا بهذا التنزيل.والغرض الثاني: أن يُدَّعى أن كون القرآن تنزيلًا أمر لا يختلف فيه فالذين خالفوا فيه كأنهم خالفوا في كونه منزّلًا من عند الله وهل يكون التنزيل إلا من عند الله فيؤول إلى تأكيد الإخبار بأنه منزل من عند الله إذ لا فرق بين مدلو ل كونه تنزيلًا وكونه من عند الله إلا باختلاف مفهو م المعنيين دون مَا صْدَقَيْهما على طريقة قوله: {لاَ ريب فيه} [البقرة: 2].وإيثار وصفي {العزيز الحكيم} بالذكر دون غيرهما من الأسماء الحسنى لإشعار وصف {العزيز} بأن ما نزل منه مناسب لعزته فهو كتاب عزيز كما وصفه تعالى بقوله: {وإنه لكتاب عزيز} [فصلت: 41]. أي هو غالب لمعانديه. وذلك لأنه أعجزهم عن معارضته. ولاشعار وصف {الحكيم} بأن ما نزل من عنده مناسب لِحكمته. فهو مشتمل على دلائل اليقين والحقيقة. ففي ذلك إيماء إلى أن إعجازه. من جانب بلاغته إذ غَلبت بلاغةَ بلغائهم. ومن جانب معانيه إذْ أعجزت حكمته حكمة الحكماء. وقد تقدم مثيل هذا في طالعة سورة الزمر وقريب منه في طالعة سورة غافر.{إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لآيات لِلْمُؤْمِنِينَ (3)}.موقع هذا الكلام موقع تفصيل المجمل لما جمعته جملة {تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم} [الجاثية: 2] باعتبار أن آيات السماوات والأرض وما عطف عليها إنما كانت آيات للمؤمنين الموقنين. وللذين حصل لهم العلم بسبب ما ذكرهم به القرآن. ومما يؤيد ذلك قوله تعالى: {تلك آيات الله نتلوها عليك} [الجاثية: 6].
|